يلعب الهيدروجين دورًا حاسمًا في التحوّل بمجال الطاقة، وإزالة الكربون من قطاعات لا يمكنها الاعتماد فيها على الكهرباء، مثل الطيران، والملاحة البحرية، والصناعات التي تتطلّب درجات حرارة عالية، بحسب ما ذكره الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) عبر الإنترنت.
ورُغم الاهتمام غير المسبوق بالهيدروجين المتجدّد، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا من ناحيتين، الأولى: تدفق الاستثمار إلى ما وراء مرحلة الأبحاث، والمشاريع التجريبية، والثانية: تحقيق العديد من مشاريع الهيدروجين واسعة النطاق، وتطوير البنية التحتية، أو تعديلها.
وسيُعادل الهيدروجين ومشتقاته، مثل الأمونيا، 5% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول منتصف القرن، ويتوقع المنتدى إنفاق 6.8 تريليون دولار على إنتاج الهيدروجين من أجل الطاقة من الآن حتى عام 2050.
“نمو هائل”
وشهد استخدام الطاقة المُتجددة مؤخرًا “نموًا هائلاً” في دول مجلس التعاون الخليجي، وفقًا لما ذكره أستاذ هندسة الطاقة المستدامة، والمتجددة، ومدير مركز أبحاث الطاقة المستدامة، وأنظمة الطاقة في جامعة الشارقة، عبد الغني العلبي، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وبحسب آخر تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، أشار العلبي إلى أن إجمالي الطاقة الكهربائية المتجددة المثبتة في دول مجلس التعاون الخليجي بلغ حوالي 3،350 ميجاوات في عام 2021.
وعندما يأتي الأمر إلى الهيدروجين بالتحديد، قال العلبي: “أبدت دول مجلس التعاون الخليجي اهتمامًا كبيرًا بالطاقة الهيدروجينية، وتتصدرها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عُمان”.
واستشهد العلبي ببعض المشاريع والخطط التي وُضِعت في دول مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال، مثل تأسيس ائتلاف أبوظبي للهيدروجين، وهدفه إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق لتصديره للأسواق الدولية، وتوقيع شركة “أكوا باور” السعودية اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار مع شركة “US Air Products” لتطوير أكبر مشروع في العالم لتحويل الهيدروجين إلى أمونيا، أي “نيوم هيليوس”.
ورأى العلبي أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بدور حيوي لتوفير وقود نظيف ومستدام في العصر القادم، ولكنها تواجه تحديات من ضمنها نقص المياه العذبة، والتي تُعتبر عنصرًا مهمًا لإنتاج الهيدروجين، مؤكدًا على ضرورة بناء محطات تحلية المياه والتي ستزيد بشكلٍ كبير من التكلفة الرأسمالية للاستثمار.
وتواجه دول الخليج تحديات أيضًا ترتبط بتكلفة النقل المرتفعة للهيدروجين الأخضر، وهي “من أهم العوائق التي تواجه هذه الصناعة”، بحسب ما أشار إليه العلبي.
“نقلة نوعية”
ويعتمد نظام الطاقة العالمي بشكل كبير على الوقود الأحفوري، والذي يُسهم بنحو 60% من انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن تغيّر المناخ، وفقًا لما أوضحه الموقع الرسمي الإلكتروني لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وقال رئيس “Energy Net Zero” في شركة “أتكينز” بالشرق الأوسط، مايور دابي، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية إن “دول مجلس التعاون الخليجي الستة تتمتع بأعلى مستوى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم للفرد الواحد”.
ولذلك، من المهم أن تتبع هذه البلدان أجندات إزالة الكربون، بهدف الحد من الضرر الناجم عن تغيّر المناخ.
وتمتعت شركة “أتكينز” البريطانية بحضور في الشرق الأوسط لأكثر من 50 عامًا، وقامت خلالها بدعم كبار عملاء دول مجلس التعاون الخليجي في مشاريع ضخمة بمجال الطاقة النظيفة، بما في ذلك الهيدروجين.
ورُغم أنه من المتوقع استمرار دول مجلس التعاون الخليجي في الاعتماد على صادرات النفط والغاز من منظورٍ اقتصادي، بحسب ما ذكره دابي، إلا أن التزاماتها، ومشاريعها الفعليّة تُظهر “نقلة نوعية”.
وأشار دابي إلى أنه يتم إنتاج حوالي 70 إلى 80 مليون طن من الهيدروجين سنويًا اليوم في جميع أنحاء العالم، ويُستخدم بشكلٍ أساسي في الأسمدة.
وسيتم تحويل جزءًا كبيرًا من الهيدروجين المُنتج في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أمونيا، ويُصدّر عالميًا.
وأكّد دابي أنه “من الناحية الاستراتيجية، هذه فرصة كبيرة لهذه المنطقة لتطوير مهارات جديدة للقوى العاملة، وبناء قدرات تصنيع جديدة.. وتطوير بنى تحتية، وتنويع الاقتصادات الفردية بعيدًا عن الوقود الأحفوري”، لافتًا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتّع بموقعٍ ممتاز أيضًا لتعزيز إنتاج الهيدروجين، وخفض تكلفة إنتاجه، وذلك بفضل وفرة موارد الطاقة الشمسية، والخبرة المتاحة بشأن محطات تحلية المياه، وغيرها.