اعترضت نقابات مهنية في مصر على قرار وزارة المالية، بإلزام أصحاب المهن الحرة بتسجيل بياناتهم على منظومة الفاتورة الإلكترونية، بسبب تكلفتها المرتفعة، فيما أكد مصدر بمصلحة الضرائب المصرية استمرار تطبيق المرحلة الثامنة للمنظومة وتسجيل بيانات كل الممولين قبل يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وألزمت مصلحة الضرائب المصرية كل الممولين، سواء الشركات أو أصحاب المهن الحرة، بتسجيل البيانات بمنظومة الفاتورة الإلكترونية قبل منتصف الشهر الجاري، وحذّرت غير الملتزمين بتطبيق العقوبات الواردة بقانون الإجراءات الضريبية باعتبارها حالة تهرب ضريبي، وأشارت إلى أنه لن يتم إجراء أي تعاقدات مع الوحدات التابعة للدولة إلا للشركات المسجلة بالمنظومة.
قال حسين أمين، نقيب المحامين بجنوب القاهرة، وعضو لجنة التفاوض مع وزارة المالية بخصوص الفاتورة الإلكترونية، إن هناك اعتراضات عديدة لنقابة المحامين على التسجيل بالمنظومة، أبرزها أن المحامين لا يقدمون سلعة أو تجارة لتقديم فاتورة عن الخدمات التي يقدموها.
وأضاف “أمين”، في تصريحات خاصة ، رغم أن المحاماة مهنة حرة مثل الأطباء إلا أنه تم فرض ضريبة القيمة المضافة عليهم منذ 3 سنوات، وتم استثناء الأطباء منها، ومع ذلك التزمت نقابة المحامين باتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، لكن نرفض اتباع طريقة أخرى في سداد الضرائب من خلال منظومة الفاتورة الإلكترونية، ويجب أن ننتظر لحين فصل المحكمة الدستورية في مدى دستورية فرض ضريبة القيمة المضافة على المحامين.
شهدت الأيام الماضية لقاءات بين مسؤولي نقابات المحامين والأطباء ووزارة المالية، لمتابعة أزمة التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، وتم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لدراسة مشكلاتهم الضريبية بصفة عامة، وتسجيلهم في منظومة الفاتورة الإلكترونية بصفة خاصة، ووضع تصور لحلها، بحسب بيانات رسمية.
وتابع أمين أن التزام المحامين بالمنظومة سيتطلب منهم تعيين موظفين لإصدار الإيصالات الإلكترونية وحصر النفقات وهذه أعباء إضافية على المحامين لا يمكنهم تحملها كما أنه مخالف دستوريًا، مشيرًا إلى أن هناك العديد من قوانين الضرائب قضي بعدم دستوريتها مثل قانون ضريبة المبيعات؛ لأنه حمل من يقوم بأداء الضريبة بإمساك السجلات والدفاتر وتحصيل المبالغ لمصلحة الضرائب، في حين تنص المادة 12 من الدستور المصري بعدم جواز إجبار الدولة للمواطن على أداء أي عمل إلا أن بمقابل عادل.
حددت مصلحة الضرائب المصرية، للممولين الذي يتعامون مع المستهلك النهائي بالتسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية قبل يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وتقديم طلب إرجاء إصدار فواتير على المنظومة إلى المأموريات التابعين لها لحين صدور قرارات إلزام لهم بمنظومة الإيصال الإلكتروني.
وأكد حسين أمين رفض نقابة المحامين الموعد الذي حددته مصلحة الضرائب للتسجيل بالمنظومة. ولفت أن هناك دعاوى منظورة أمام المحكمة الدستورية بشأن قانونية فرض ضريبة قيمة مضافة على المحامين.
ونظمت نقابة المحامين وقفات احتجاجية أمام مقرها في وسط القاهرة، اعتراضًا على التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، كما أصدرت بيانًا صحفيًا طالبت فيه بعدم التسجيل بنظام الفاتورة الإلكترونية.
وقال عضو مجلس نقابة الأطباء، الدكتور أحمد علي، إن هناك آليات عديدة بمنظومة الفاتورة الإلكترونية ستعيق تقديم الخدمة الطبية، وسترفع من الأعباء على متلقي الخدمة نتيجة تحمل العيادات تعيين موظفين لإصدار الإيصالات والفواتير الإلكترونية، كما أنه من الصعب على بعض العيادات في القرى تنفيذ المنظومة، مما يتطلب ضرورة إجراء حوار مجتمعي قبل إلزام أعضاء النقابة بالتسجيل قبل يوم 15.
وأكد “علي”، في تصريحات خاصة ، ضرورة مد فترة التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية لحين التوصل لآلية لسداد الضرائب، مؤكدًا تأييد نقابة الأطباء سداد الضرائب “ولكن بآلية عادلة وقابلة للتطبيق”، وأشار إلى أنه سيكون هناك لقاء قريب مع وزارة المالية لبحث هذه الآلية.
وكشف عضو نقابة الأطباء عن عزم النقابة الطعن على قرار وزارة المالية بتطبيق الفاتورة الإلكترونية على الأطباء، والتعاقد مع مكتب محاسبة لتوعية الأطباء بالإجراءات المتبعة في التسجيل والإقرار الضريبي.
وقال الدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة تصنيع الدواء بنقابة الصيادلة، إن النقابة تعترض على التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية بسبب الأعباء الإضافية التي سيتحملها أصحاب الصيدليات نتيجة التسجيل بالمنظومة، وهي تعيين موظفين مختصين لإصدار الإيصالات والفواتير الإلكترونية، وشراء نظام إلكتروني معتمد للتسجيل على منصة المنظومة، ومصاريف للاشتراك بها مما يمثل عبء مالي ضخم على الصيدليات قد يدفعها للإغلاق.
وأكد “رمزي”، في تصريحات خاصة ، أن اعتراض نقابة الصيادلة على التسجيل بالمنظومة ليس بغرض التهرب الضريبي؛ لأن كل الصيدليات في مصر البالغ عددها 80 ألف صيدلية تسدد بالفعل ضرائب عن مبيعاتها من الأدوية من خلال اتفاق مسبق مع وزارة المالية، خاصة أن السلع مسعرة جبريًا بناء على فواتير مذكور بها هامش الربح.
وحسب بيانات مصلحة الضرائب المصرية، بلغ إجمالي عدد الشركة المنضمة لمنظومة الفاتورة الإلكترونية أكثر من 135 ألف شركة قاموا بإرسال 412 مليون فاتورة على المنظومة منذ تفعيلها في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020.
من جانبه، أكد مصدر بمصلحة الضرائب المصرية أن المصلحة مستمرة في تطبيق المرحلة الثامنة والأخيرة من منظومة الفاتورة الإلكترونية بتسجيل بيانات كافة الممولين قبل منتصف الشهر الجاري، لافتا أن المنظومة تم تطبيقها منذ منتصف عام 2020، وتم إجراء ندوات وحوارات مجتمعية مع كل الجهات للتعريف بالمنظومة وتضمين مقترحاتها.
والفاتورة الإلكترونية عبارة عن مستند قياسي له مكونات وشكل وتصميم موحد ومحتوى تنظمه القوانين واللوائح الخاصة بعمل الفاتورة الإلكترونية، كما أنها تتطلب وجود توقيع إلكتروني سار وفعال لمصدر الفاتورة، وتتيح المنظومة تأمين كامل لبيانات الفواتير المتبادلة بين الشركات.
قال المصدر، في تصريحات خاصة ، إن المصلحة تطالب أصحاب المهن الحرة بالتسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، والتقدم بطلب إرجاء التطبيق لحين صدور قرارات إلزام لهم بمنظومة الإيصال الإلكتروني وسيتم ذلك على مدار الثلاث سنوات المقبلة، مشيرًا إلى أن المنظومة تحقق مصلحة أصحاب المهن الحرة لأنها ستقضي على التقدير الجزافي للضرائب، كما أنهم غير ملزمين بإصدار الفواتير الإلكترونية في الوقت الحالي، وليست هناك مصروفات إضافية سيتحملها الممولين عن التوقيع الإلكتروني.