تُعد العطلة الصيفية في فرنسا مقدسة إلى درجة أن الحكومة مستعدة لثني سياسات التطعيم الخاصة بفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” للسماح للعمال الفرنسيين بالتوجه إلى الشاطئ دون القلق بشأن تلقي جرعتهم الثانية.
وكان الغضب العام من احتمال تأثير خطط التطعيم الصارمة على العطلات الصيفية كافياً لتوحيد واحدة من أكبر الانقسامات في فرنسا، وهي بين أولئك الذين يقضون عطلتهم في يوليو/تموز، الذي يُعرفون بـ”juilletistes”، والأشخاص الذين يفضلون قضاء عطلتهم في أغسطس/آب، الذين يُعرفون بـ”aoûtiens”.
وبهدف إرضاء أصحاب العطلات المتحمسين، وافقت السلطات على التنازل عن الإرشادات التي تصر على ضرورة تلقي الجرعة الثانية من التطعيم في المكان ذاته للجرعة الأولى.
وقد يبدو تفضيل الفرنسيين لشهرٍ معين أمراً مثيراً للفضول بالنسبة لبقية العالم، ولكنه مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لأولئك الذين يعيشون هناك.
ولمن يفكر في زيارة فرنسا في أشهر الصيف، فإنه أمر يستحق الانتباه، وخاصةً إذا لم يكن المرء يرغب في العثور على مطعمه المفضل في باريس مغلقاً لأسابيع، أو في حال أراد تجنب واحدة من أكبر الازدحامات المرورية في العالم.
الألعاب النارية على الشاطئ
وعندما يصل أغسطس/آب، يسيطر على المدينة إحساس آخر، وهو الهدوء.
وستكون معظم المناطق السكنية في المدينة فارغة مع مغادرة السكان لها لقضاء إجازاتهم، ما يمنح آرثر كوهيل، البالغ من العمر 26 عاماً، سبباً آخر لعدم الذهاب بإجازة في يوليو/تموز.
ولا يريد كوهيل العودة من إجازته في نهاية يوليو/تموز لقضاء الوقت بمدينة فارغة، والعمل بينما يستمتع معظم زملائه بوقت فراغهم في أغسطس/آب على الشاطئ.
وإلى جانب ذلك، ستكون أشعة الشمس مضمونة في أغسطس/آب.
ولكن بالنسبة للعديد ممن يقضون عطلتهم في يوليو/تموز، يعتبر الشاطئ الأقل ازدحاماً أكثر قيمة من شاطئ أكثر دفئاً وسخونة.
ويُعد الاحتفال بـ14 يوليو/تموز على شاطئ فارغ ومريح ممتعاً كإقامة حفلة في باريس.
وقالت جولييت جاش البالغة من العمر 21 عاماً: “تكون هناك ألعاب نارية على الشاطئ”، مضيفةً أن “الشاطئ عادة ما يكون مزدحماً في 15 أغسطس/آب”.
وتُعد تكلفة الذهاب بإجازة في يوليو/تموز أقل أيضاً، إذ يكون الطلب على غرف الفنادق أقل مقارنةً بأغسطس/آب.
“ازدحام القرن”
ويحصل الازدحام المرور السنوي الأكثر شهرة في فرنسا سنويًا في يوم السبت من الأسبوع الذي يلتقي به يوليو/تموز بأغسطس/آب، وهو اليوم الذي يصطدم فيه أصحاب العطلات الذين يفضلون يوليو/تموز، مع الأشخاص المغادرين الذين يختارون قضاء عطلتهم في أغسطس/آب.
ويؤدي هذا الأمر إلى ازدحام في جميع أنحاء البلاد، ويُطلق عليه “ازدحام التقاطع”.
وقال كبير خبراء التنبؤ في خدمة معلومات المرور بوزارة النقل الفرنسية، “Bison Futé”، فابريس فيلا: “كما في الأعوام السابقة، نحن نتوقع ازدحاماً لمسافة تزيد عن 700 كيلومتر هذا العام”.
وفي الواقع ، تم إنشاء خدمة المرور نتيجة ازدحام شديد في عام 1975 أُطلق عليه اسم “ازدحام القرن” كان قد شهده “الطريق الوطني 10” الذي ربط باريس بإسبانيا آنذاك.
شغف الفرنسيين للعطلة الصيفية
ومن الأسباب الرئيسية وراء شغف فرنسا بالعطلة الصيفية هي كون قوانين العمل الفرنسية تضمن 5 أسابيع من الإجازات مدفوعة الأجر لمعظم القوى العاملة لديها.
وفي الواقع، كانت فرنسا أول دولة أوروبية توفر إجازة عامة مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين في عام 1936.
وفي صيف 1936، ولأول مرة منذ الأزل، توجه مئات الآلاف من عمال المصانع الفرنسيين إلى الشاطئ ليستمتعوا بعطلتهم، وهو امتياز كان مخصصاً في السابق للبرجوازيين، والأرستقراطيين.